قصبة الكرك النواحي الإدارية والقانونية والأحوال الاجتماعية والاقتصادية من خلال سجل قرارات حاكم الحقوق في محكمة الكرك 1919-1922م

قصبة الكركقصبة الكرك النواحي الإدارية والقانونية والأحوال الاجتماعية والاقتصادية من خلال سجل قرارات حاكم الحقوق في محكمة الكرك 1919-1922م

دراسة وتحقيق: الدكتور عبد الله مطلق العساف

توفر دفاتر قرارات حكام الحقوق في محاكم منطقة الأردن في خلال فترة سلطة الدولة العثمانية ولا سيَّما في العشرين سنة الاولى من القرن العشرين، وقبيل قيام إمارة شرقي الأردن، معلومات غنية في غاية الأهمية، من حيث أنها تُعدّ من خلال سجلاتها مصدرًا رسميًا وثائقيًا يرصد أبرز ملامح التنظيم الإداري والقضائي وخصائصه في المنطقة فضلًا عن تقديمها صورة جليّة عن الأنماط الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي كانت سائدة في المنطقة في تلك الحقبة الزمنية. 

وهذه الدفاتر أو السجلات تلقي ضوءًا كاشفًا للباحثين عن طبيعة القوانين والأنظمة والقضايا المَعمول بها في أصول المحاكمات القضائية والأحكام القضائية المتعلقة بهذه القضايا، مثلما أنها تُعدّ سجلًا بَيّن أنماط الوظائف والمصطلحات الإدارية والقانونية، والرسوم والضرائب التي تتصل بقضايا المُحاكمات والخصومات التي كانت سائدة آنذاك، وهي بذلك تعكس طبيعة الأحوال الاجتماعية والاقتصادية والإدارية المرتبطة بهذه النواحي القضائية والحقوقية. 

ولهذا فإن الدراسة إذًا اعتمدت على دفاتر القرارات الخاصة بمحاكم الحقوق في محكمة الكرك في الفترة الواقعة بين 1919-1922م، وتوصلت إلى استنتاجات عامّة تخص مُجمل دفاتر القرارات الخاصة بمحاكم الحقوق في محاكم شرقي الأردن بصفة عامّة، وذلك بحكم تشابه أنماط المجتمع الأردني بشكل عام في شرقي الأردن، ومن الطبيعي أن تتشابه إن لم تتماثل خصائص التطور الاجتماعي والاقتصادي للسكان من مختلف المجالات وطرائق عيشهم وسكناهم، والمشكلات التي يواجهونها، سواء كانت مشكلات قانونية أم إدارية. 

وهذا السجل موضوع هذا البحث والخاص بدفتر قرارات محكمة بداية الكرك، كان قد رصد تاريخيًا أحداثًا وقضايا بدءًا من فترة الحُكم الفيصلي في شرقي الأردن بعد خروج السلطة العثمانية بشكل نهائي، وبداية عهد تشكّل إمارة شرقي الأردن، لذا فإن أهميته تبرز من حيث أنه يُقدّم لنا صورة عن النواحي الإدارية والاقتصادية والقضائية والاجتماعية إبّان فترة السجل 1919-1922م. 
فهو من الناحية الإدارية والقضائية يحتوي على القرارات القضائية الصادرة بشأن الدعاوى المرفوعة إلى محكمة الكرك، ويوضح طبيعة وشكل الدعاوى والقضايا محل الخصومات بين الأهالي آنذاك، ما يعكس أنماط العلاقات والمعاملات الاجتماعية. 

ومن جانب إداري فإن السّجل يلقي الضوء على أنواع الوظائف الإدارية والقضائية والقانونية فضلًا عن الألقاب والمصطلحات الإدارية التي كانت تُطلق على أصحابها كل حسب موقعه ورتبته ووظيفته، وكذلك تضيف أنواع القضايا والدوائر الرسمية. 

أمّا من الناحية الاجتماعية، فإن القيمة التاريخية المُضافة التي يُقدمها السّجل تتمثل في إعطائنا صورة وافية عن العائلات والأسر والعشائر التي كانت مُتواجدة في قضاء الكرك خلال تلك الفترة، ومعظمها من أهالي المنطقة نفسها، فضلًا عن فئة من الوافدين إلى الكرك من خارجها بقصد التجارة أو ممن كانوا في سلك الوظائف العامّة. 

وكشف السّجل عن العديد من الألقاب التي تمّ منحها إلى العديد من وجهاء الكرك ورؤساء العشائر الأخرى وكبار التجار من قبيل "باشا، شيخ، حاج" وهذه الألقاب إمّا أن يتم منحها من قبيل السلطة أو أنها ألقابٌ كان يُطلقها الأهالي على بعض الأشخاص وذلك بالنظر إلى المكانة الاجتماعية أو الدينية التي كانوا يمثلونها. 

واللافت في الأمر ظهور دور المرأة ومكانتها في مجتمع الكرك، فالمُتتبع للقضايا والأحوال من خلال دفتر سجلات قرارات حاكم الحقوق يجد أنّ المرأة كانت تتمتع بوضعية اجتماعية جيدة نسبيًا في مجالات مُختلفة، من حيث حق التَملّك، وحقها في إدارة أموالها الخاصة ومُمتلكاتها، وكذلك حقوقها في الإرث ومسائل الزواج، وفي إقامة الدعاوى الخاصة بهذه الحقوق أمام المحاكم وتوكيلها للمحامين لتحصيل حقوقها. 

أما من الناحية الاقتصادية والتجارية، فتعود أهميّة السّجل من الناحية التاريخية، إلى أنه يقدّم صورة عن أوجه النشاطات الاقتصادية والتجارية التي كانت سائدة في لواء الكرك، والتي يمكن رصدها من خلال المعاملات التجارية التي كانت تجري بين الأهالي والتُجار، وتكشف عن حجم هذا النشاط الاقتصادي والتجاري.

أما مؤلف هذا الكتاب فهو الدكتور عبد الله مطلق العساف من مواليد الرويشد في محافظة المفرق عام 1974، حاصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ من الجامعة الأردنية عام 2008، ويعمل محاضر غير متفرغ في الجامعة الأردنية، ورئيس الجمعية الأردنية للدراسات التاريخية والثقافية، وله العديد من المؤلفات في تاريخ الأردن المعاصر.

 

للطلب والاستفسار