ندوة افتراضية بمناسبة يوم المخطوط العربي 2022

ندوة المخطوط العربي

نظّم مجمع اللغة العربية الأردني صباح اليوم الاثنين الرابع من نيسان ندوةً افتراضية بمناسبة يوم المخطوط العربي لعام ٢٠٢٢م بالتعاون مع مركز التوثيق الملكي الأردني الهاشمي ودائرة المكتبة الوطنية، تحت شعار "إرثنا المخطوط في زمن العولمة"، أدارها عضوُ المجمع الأستاذ الدكتور محمد حوّر عبر تقنية الاتصال المرئي عن بعد، بحضور أمين عام المجمع الأستاذ الدكتور محمد السعودي وعدد من الأعضاء، وشارك فيها باحثون محليون وعرب وهم: عضو المجمع الأستاذ الدكتور سمير الدروبي، والأكاديمي والمؤرخ والدبلوماسي السعودي الأستاذ الدكتور محمد آل زلفة، والأكاديمي والمؤرخ والدبلوماسي اليمني الأستاذ الدكتور حسين العَمري، والمدير العام لمركز التوثيق الملكي الأردني الهاشمي الأستاذ الدكتور مهند مبيضين، والمدير العام لدائرة المكتبة الوطنية الأستاذ الدكتور نضال العياصرة، والباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية الدكتور المهدي الرواضية، ومدير وحدة البحوث والخدمات المعرفية والتواصل المؤسسي في مركز التوثيق الملكي الدكتور محمود العبيدي، ومدير وحدة الترميم والصيانة في مركز التوثيق الملكي الأستاذ سليمان الشقيرات.
رحّب حوّر بالمشاركين في الندوة التي أتت في إطار الاحتفال بيوم المخطوط العربي الذي ترعاه المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) بجامعة الدول العربية، وتحتفل به الدول العربية الأعضاء، كما تحتفل به أحياناً جهات إسلامية وأجنبية.
واشتملت الندوة على ثماني أوراق بحثية هي: "مجمع اللغة العربية الأردني وتحقيق كتاب الفلاحة الأندلسية لابن العوام الإشبيلي" للدروبي، و"خطر الحروب على وضع المخطوط العربي" لآل زلفة، و"إرثنا المحفوظ في زمن العولمة" للعَمري، و"مخطوط الدر المكنون للغزي، الجزء الثامن" لمبيضين، و"دور المكتبة الوطنية في حفظ الذاكرة الوطنية" للعياصرة، و"من رفوف المكتبات ودور المخطوطات إلى واجهة الحواسيب وشاشات الهواتف الذكية" للرواضية، و"منهج تحقيق النسخ الفريدة في التراث العربي" للعبيدي، و"ترميم الوثائق والمخطوطات في الأردن، مركز التوثيق الملكي الأردني الهاشمي أنموذجاً" للشقيرات.
وتحدث الدروبي عن دور مجمع اللغة العربية الأردني في تحقيق كتاب الفلاحة الأندلسية لابن العوام الإشبيلي، وتقع الموسوعة في سبعة أجزاء موزعة ومرتبة على أبواب وفصول وفق المنهج الذي اعتمده المؤلف، وأقام الدروبي دراسة علمية قيمة على هذه الموسوعة، وأشار إلى الجهود المبذولة في مجال دراسة الفلاحة في العالم وعند العرب في المشرق والمغرب، وذكر أهم المدارس المعنية في الفلاحة منذ القرن التاسع الميلادي، وقسم المحققون الموسوعة إلى قسمين، تضمن الأول دراسة موسعة وُزعت على ستة فصول تضمنت دلالة لفظة الفلاحة اللغوية والاصطلاحية في المعاجم اللغوية وكتب تصنيف العلوم عند العرب وكتب الفلاحة، وتضمنت حياة المؤلف ابن العوام ومؤلفاته، ومصادر الكتاب، وأهمية هذه الموسوعة وقيمتها العلمية، ونشرات الموسوعة وترجماته، ونسخها الخطية ومنهجية العمل في التحقيق. وتضمن القسم الثاني النص المحقق اعتماداً على نسخة باريس، ونسخة المتحف البريطاني، ونشرة المستشرق بانكويري. وتقاسم المحققون إنجاز الموسوعة، بحيث تولى الدروبي كتابة المقدمة والدراسة والفهارس الفنية وثبت المصدر والمراجع، وتولى الدكتور أنور أبو سويلم تحقيق المجلد الأول (الأجزاء الأول والثاني والثالث)، وتولى الدكتور علي المحاسنة تحقيق المجلد الثاني (الأجزاء الرابع والخامس والسادس). وبعد الفراغ من التحقيق صنع المحققون فهارس فنية واسعة للموسوعة تضمنت أسماء النبات والحيوان والأمراض والترب والأدوات والمصطلحات ونحو ذلك. 
وأشار آل زلفة في حديثه إلى أن المخطوط العربي كان من أبرز ضحايا الحروب، التي ظلت على مدى التاريخ من أبرز المهددات للمخطوط العربي، وأن الحروب الحديثة التي شهدها عالمنا العربي في عقوده الأخيرة والتي لا يزال بعضها مستمرا من أهم أسباب تهديد المخطوطات العربية. ودعا إلى رسم خطة استراتيجية لمشروع عربي متكامل للحفاظ على المخطوطات العربية وتفادي كل ما تتعرض له من مخاطر في بيئتها العربية.
وأوضح العَمري أنه على الرغم من الجهود المبذولة هنا أو هناك فإن الذي نشر من التراث المكتوب لم يزل قاصراً عن المأمول والمرجو، وأن مختلف الجهود في الوطن العربي لا تزال متباينة مبعثرة لا يربط بينها رابط، وهي محتاجة إلى الدعم الحقيقي المخلص، وإلى رسم النهج العلمي الكامل والواضح الموحد لنشر التراث العربي. وأشاد بتحقيقات المؤرخ الأستاذ الدكتور محمد عدنان البخيث، ذلك أن من بين أعماله الكثيرة خلال زياراته المتعددة إلى اليمن واطلاعه على التراث المخطوط في مكتباتها حين كان يحقق مخطوط كتاب شيوخ صاحب " تاج العروس" للعلامة اللغوي محمد مرتضي الزَّبيدي صاحب المعجم الشهير. 
وتحدث مبيضين عن الجزء الثامن من مخطوط الدر المكنون والجمان المصون من فرائد العلوم وفوائد الفنون، لمؤلفه كمال الدين الغزي أحد أهم القامات الفكرية والمعرفية وهو مؤلف وأديب ومصنف، وتكمن أهمية هذا المخطوط بإبراز المراسلات والمكاتبات بين العلماء في تلك الفترة والحفاظ على التراث الديني والثقافي والأدبي، والتذكرة في جزئه الثامن يحتوي على مجموعة من الوثائق تطرح ثلاث قضايا وهي: العلاقات الثقافية بين العلماء، والجودة العالية في اللغة والأدب والشعر وشرح الأبيات وكأنك أمام مدونة ثقافية، والعربية السليمة، وشكل المخطوط وزخرفته وتاريخه. 
وتحدث العياصرة عن دور دائرة المكتبة الوطنية في حفظ الذاكرة الوطنية، وبيّن أن رسالة الدائرة تتمثل في المحافظة على الذاكرة الوطنية وإدامتها وصيانتها وحمايتها ونقلها للأجيال القادمة من خلال العمل على توفير البيئة الملائمة لحماية وصون الإبداع والمبدعين وخدمة الباحثين والمهتمين في الجوانب الثقافية والفكرية. وعن الوثائق (الأرشيف الوطني) أوضح أن من مهام الدائرة الرئيسة القيام بجمع الوثائق من المصادر كافة وفهرستها وتصنيفها وحفظها، بالإضافة إلى إتاحتها للباحثين والمهتمين بتاريخ المملكة السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
وبيّن الرواضية أن المخطوطات، باعتبارها تراثاً مادياً أولاً، ومنجزاً علمياً ثانياً تحتاج إلى حفظ كرامتها عند التعامل معها، وحسن صورة تقديمها وخدمتها، وأن لا تكون مجالاً للتكسب أو المتاجرة، أو أن يتصدى لتحقيقها مَن لا يملك المقدرة العلمية ولا الأدوات اللازمة. وتابع بأنه تنحصر مساهمته في رصد التأثير الذي أحدثته ثورة التقدم التكنولوجي في مجال توفير المخطوطات إلكترونياً ومساهمتها في تقليص الفجوة الزمنية التي تستغرقها المراسلات بين طالب المخطوط والمكتبة، والتي أصبحت إجابة مباشرة في أغلب المكتبات بعد أن كانت المراسلات تستغرق أشهراً وربما سنوات. إضافة إلى ثورة الاتصال الهائلة، التي ساهمت في توفير المحتويات المتعلقة بالتراث المخطوط على صفحات الإنترنت، ووفرت مادة غنية في الإشارة إلى النسخ المخطوطة وعرض نماذج منها والتعريف بما يطبع محققاً من التراث، ويسرت بذلك على الباحثين وخففت من المعاناة التي عاناها أسلافهم.
وتحدث العبيدي عن منهج التحقيق في النسخ الفريدة، وتناول مفهوم النسخة الفريدة، المنهج المتبع في تحقيق مثل هذه النسخ مع ذكر أمثلة على ذلك.
وتحدث الشقيرات عن ترميم المخطوطات والوثائق في الأردن "مركز التوثيق الملكي الأردني الهاشمي أنموذجاً"، وإبراز دور المركز في توفير خدمة الترميم للمخطوطات والوثائق، وقدّم الباحث عرضًا عن مراحل بناء المخطوط العربي وتكويناته والعوامل التي تؤثر عليه وتسبب التلف والتدمير؛ الأمر الذي يخدم عملية ترميمه ويحدد المسار الفني للعمل عليه، ويقدم آفاقاً للحفاظ عليه.
وتبرز أهمية الاحتفال بهذا اليوم الذي أصبح مناسبة سنوية لتعزيز وعي الأجيال العربية بأهمية التراكم الفكري في بناء انتمائهم الحضاري، وأن تراثنا المخطوط يواجه تحديات جمة على جميع المستويات صيانة وجمعا ونشرا،  فهو تراث يفوق ثلاثة ملايين مخطوط منها ما عرفت مظانه ومنها ما لم  تصله  يد الباحثين حتى الآن.

شارك الخبر